responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 742
وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أَيِ السَّمِيعُ لِأَذَاهُمْ بِالْقَوْلِ الْعَلِيمِ بِضَمَائِرِهِمْ أَيِ اطْمَئِنَّ بِأَنَّ اللَّهَ كَافِيكَ مَا تَتَوَجَّسُ مِنْ شَرِّهِمْ وَأَذَاهُمْ بِكَثْرَتِهِمْ، وَفِي قَوْلِهِ: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وعد ووعيد.
[138]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (138)
هَذَا مُتَّصِلٌ بِالْقَوْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ [الْبَقَرَة: 136] وَمَا بَيْنَهَا اعْتِرَاضٌ كَمَا عَلِمْتَ وَالْمَعْنَى آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلُ إِيمَانًا صِبْغَةَ اللَّهِ.
وَصِبْغَةُ- بِكَسْرِ الصَّادِ- أَصْلُهَا صِبْغٌ بِدُونِ عَلَامَةِ تَأْنِيثٍ وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ
بِزِنَةِ فِعْلٍ الدَّالِّ عَلَى مَعْنَى الْمَفْعُولِ مِثْلَ ذِبْحٍ وَقِشْرٍ وَكِسْرٍ وَفِلْقٍ. وَاتِّصَالُهُ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيث لإِرَادَة الْوَاحِدَة مِثْلَ تَأْنِيثِ قِشْرَةٍ وَكَسْرَةٍ وَفِلْقَةٍ، فَالصِّبْغَةُ الصِّبْغُ الْمُعَيَّنُ الْمَحَضَّرُ لِأَنْ يُصْبَغَ بِهِ. وَانْتِصَابُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ نَائِبٌ عَنْ عَامِلِهِ أَيْ صَبَغْنَا صِبْغَةَ اللَّهِ كَمَا انْتَصَبَ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ [الرّوم: 6] بَعْدَ قَوْلِهِ: يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الرّوم: 5] بِتَقْدِيرِ وَعْدَهُمُ النَّصْرَ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: مِلَّةَ إِبْراهِيمَ [الْبَقَرَة: 135] أَيِ الْمِلَّةَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ شِعَارَنَا كَالصِّبْغَةِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ مَنْصُوبًا وَصَفًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَالتَّقْدِيرُ آمَنَّا إِيمَانًا صِبْغَةَ اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الْمُلَائِمُ لِإِطْلَاقِ صِبْغَةَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاكَلَةِ، وَمَا ادَّعَاهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» مِنْ أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَفْكِيكِ النَّظْمِ تَهْوِيلٌ لَا يُعْبَأُ بِهِ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ لِأَنَّ الْتِئَامَ الْمَعَانِي وَالسِّيَاقِ يَدْفَعُ التَّفَكُّكَ، وَهَلِ الِاعْتِرَاضُ وَالْمُتَعَلِّقَاتُ إِلَّا مِنْ قَبِيلِ الْفَصْلِ يَتَفَكَّكُ بِهَا الْأَلْفَاظُ وَلَا تُؤَثِّرُ تَفَكُّكًا فِي الْمَعَانِي، وَجَعَلَهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» تَبَعًا لِسِيبَوَيْهَ مَصْدَرًا مُبَيِّنًا لِلْحَالَةِ مِثْلَ الْجِلْسَةِ وَالْمِشْيَةِ وَجَعَلُوا نَصْبَهُ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمُؤَكِّدِ لِنَفْسِهِ أَيْ لِشَيْءٍ هُوَ عَيْنُهُ أَيْ أَنَّ مَفْهُومَ الْمُؤَكَّدِ (بِالْفَتْحِ) وَالتَّأْكِيدِ مُتَّحِدَانِ فَيَكُونُ مُؤَكِّدًا لَآمَنَّا لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالصِّبْغَةَ مُتَلَازِمَانِ عَلَى حَدِّ انْتِصَابِ وَعْدَ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ تَوْكِيدًا لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ [الرّوم:
4، 5] وَفِيه تكلفنان لَا يَخْفَيَانِ.
وَالصِّبْغَةُ هُنَا اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ الْيَهُودُ عُنْوَانًا عَلَى التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ وَالْأَصْلُ فِيهَا عِنْدَهُمُ الِاغْتِسَالُ الَّذِي جَاءَ فَرْضَهُ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى الْكَاهِنِ إِذَا أَرَادَ تَقْدِيمَ قُرْبَانَ كَفَّارَةٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 742
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست